الجمعة , أبريل 12 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / بوصوف-تدابير تتنصر للمقاربات الإنسانية والحقوقية في قوانين الهجرة واللجوء بدل المقاربات الأمنية أو تيارات صناعة الخوف والكراهية…

بوصوف-تدابير تتنصر للمقاربات الإنسانية والحقوقية في قوانين الهجرة واللجوء بدل المقاربات الأمنية أو تيارات صناعة الخوف والكراهية…

ذكرى اليوم الدولي للمهاجرين كل 18 دجنبر من كل سنة ليست مناسبة للاحتفال بقدر ما أنها تشكل مناسبة لمراجعة شريط أحداث قضايا الهجرة واللجوء في العالم، وتقديم صورة عن وضعية المهاجرين في مجتمعات الاستقبال، وكذا إعادة قراءة تقارير وأرقام المنظمات والهيئات الأممية المختصة بالهجرة واللجوء..

 

لكن قبل كل هذا، فإننا نغتنم فرصة مونديال قطر 2022 للتذكير بأهمية الهجرة في مجال الرياضة، وكيف نجحت دول الاستقبال في إدماج الموهوبين في كرة القدم من أبناء المهاجرين في فرقها الوطنية والدفاع عن تاريخها الكروي وحمل ألوانها الوطنية؛ كفرنسا وإسبانيا وألمانيا وبلجيكا والبرتغال وكندا وهولندا وإنجلترا وغيرها… مما سجل الكثير من المحللين أنه تعبير عن مجتمعات متعددة الثقافات… كما استفادت دول الأصل من تجارب أبنائها في البطولات الأوروبية، ومن بينها المغرب والسنغال وغانا ونيجيريا وغيرها… لتبقى الرياضة إحدى النقط المشرقة في الهجرة بصفة عامة.

لكن لغة الأرقام تتكلم عن واقع مؤلم، وأن المناطق الساخنة والحروب والتغيرات المناخية والجفاف والتصحر وندرة الماء والبطالة وغيرها من العوامل جعلت أكثر من 280 مليون نسمة في خانة المهاجرين؛ من بينهم 90 مليونا من طالبي اللجوء… كما لا تزال لغة الأرقام لسنة 2022 تتكلم عن موتى ومفقودين، سواء في البحر المتوسط حيث تجاوز الرقم 3 آلاف خلال الـ8 شهور الأولى للسنة ذاتها حسب منظمة الهجرة الدولية، أو على الحدود التركية / اليونانية ودول البلقان…

وقد عرفت الأرقام بعض التراجع في فترة تفشي جائحة “كورونا”؛ لكنها سرعان ما عادت إلى الارتفاع، خاصة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022 والهروب الجماعي لأكثر من 6,5 ملايين أوكراني في اتجاه حدود كل من بولاندا ومولدافيا ورومانيا وألمانيا…

لكن العديد من التقارير الإعلامية ومنظمات حقوقية تحدثت عن خروقات ولعمليات انتقاء في عملية استقبال الفارين من الحرب في أوكرانيا؛ فقد جرى تسهيل استقبال المواطنين الأكرانيين في دول الحدود أو غيرها من الدول الأوروبية، في حين تم رفض استقبال وعرقلة مرور بل وطرد للعديد من المهاجرين من أصل إفريقي أو من سوريا واليمن وأفغانستان… كما تُرك العديد من الطلبة والمهاجرين في الغابات الحدودية بين بولاندا وبلاروسيا، حيث كانوا عرضة للموت بسبب البرد القارس والجوع وعصابات الحدود… تلك التقارير فضحت المعايير المزدوجة في التعامل مع الفارين من منطقة حرب…

المشهد الإعلامي والحقوقي لهذه السنة لم يخلُ من الحديث عن السجال القانوني والإنساني بين المنظمات الإنسانية العاملة في مجال الإنقاذ في البحر المتوسط ودول أوروبا، خاصةً إيطاليا وفرنسا واليونان ومالطا، ومسألة فتح الموانئ في وجه قوارب الموت من أجل إنقاذ المهاجرين من الغرق… وهو السجال الذي كاد أن يتحول إلى أزمة دبلوماسية كبيرة بين رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية جورجيا ميلوني وحكومة ماكرون، والدفع بفتح ميناء مارسيليا في وجه سفن إنقاذ تابعة لمنظمات حقوقية. كما تم طرح الملف على طاولة الاتحاد الأوروبي ببروكسيل، خاصة بوجود “اتفاق مالطا” لسنة 2019 حول توزيع المهاجرين العالقين فـي البحر في إطار المسؤولية العادلة بين جميع الدول الأعضاء في اتفاقية شينغن..

ومن جهة أخرى، وبعد أن وصل عدد المهاجرين من فرنسا إلى إنجلترا عبر المانش إلى أكثر من 40 الف فقط في هذه السنة، فقد توصلت كل من فرنسا وبريطانيا في عهد رئيس الوزراء الجديد روشي سوناك في شهر نونبر الماضي إلى اتفاق ستتوصل بموجبه باريس بمبلغ 72,2 مليون أورو من طرف لندن، حيث ستتكلف باريس بتعزيز الحدود ووقف عمليات الهجرة عبر المانش.

وقد عرفت سنة 2022 العديد من الأحداث الفارقة؛ من بينها وُصُول طفلة تونسية ذات أربع سنوات فقط لوحدها إلى شواطئ إيطاليا، حيث بقيت أسرتها عالقة في تونس في شهر أكتوبر 2022.. وكذا تنظيم وقفات احتجاجية يومي 9 و10 دجنبر الجاري أمام مقر مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بجنيف السويسرية بمناسبة الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث تم رفع شعارات المطالبة بتحسين ظروف الاستقبال وأيضا إعادة النظر في مراكز الاستقبال خاصة بليبيا…

في السنة ذاتها أيضا كرست بعض الاستحقاقات الانتخابية، سواء في فرنسا أو إيطاليا والدنمارك أو السويد، ملف الهجرة واللجوء كإحدى أهم نقاط السجال السياسي في البرامج الانتخابية والجدل الفكري والإيديولوجي في منصات الإعلام المختلفة والتوظيف السياسي لملف الهجرة من طرف اليمين المتطرف… لكن مشاركة أبناء المهاجرين ضمن منتخبات أوروبية، سواءً في مونديال قطر أو في الألعاب الأولمبية أو غيرها، أحرجت بقوة قادة ومنظري اليمين المتطرف بدول الاستقبال وأفقدتهم اتزانهم ومصداقيتهم أمام ناخبيهم…

ولأن المناسبة شرط، ونحن نتكلم عن اليوم الدولي للمهاجرين، فلابد من التذكير بخطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2022 والذي خصص أغلب فقراته للحديث عن جهود مغاربة العالم في الدفاع عن الوحدة الترابية وعن ضرورة الاستجابة لخصوصياتهم والإجابة عن انتظاراتهم؛ وهو الخطاب الذي حدد بدقة إحداثيات خارطة الطريق من خلال تأهيل الإطار المؤسسي وإعادة النظر في نموذج الحكامة الخاص بالمؤسسات الموجودة، وإحداث آلية خاصة بمواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج ودعم مبادراتها ومشاريعها…

فمغاربة العالم يبصمون على نتائج غير مسبوقة، سواء على مستوى أرقام التحويلات المالية الكبيرة أو على مستوى الدفاع والترافع في ملف الوحدة الوطنية والترابية في كل الساحات العالمية أو على مستوى الاستثمار والانخراط في مشاريع التنمية وعمليات التضامن الاجتماعي.. ولعل وصول “أسود الأطلس” إلى نصف نهائي كأس العالم بقطر بمشاركة قوية لمغاربة العالم واحتفالهم في كل بقاع العالم لهُو أكبر دليل على مدى ارتباط مغاربة العالم بوطنهم المغرب، وتقديمهم لصورة مغـرب اليوم للعالم في صورة الشاب الطموح والمثابر…

نأمل أن تتكلم سنة 2023 لغة أرقام إنجازات المهاجرين في يومهم الدولي في 18 دجنبر، وإعلان البحر المتوسط ممرا للتبادل التجاري والاقتصادي والثقافي وليس مقبرة للمهاجرين..

نأمل أن تختفي المعايير المزدوجة في التعامل مع ملف المهاجرين، إذ في الوقت الذي تتحدث فيه تقارير عن شيخوخة مجتمعات الدول الغربية وحاجة اقتصادها إلى اليد العاملة تتحدث تقارير أخرى عن ضرورة طرد المهاجرين وتنشر أرقام الجريمة والسجناء والبطالة ومشاكل الضواحي.. كما نعتقد بضرورة تبني السياسات العمومية لتدابير تتنصر للمقاربات الإنسانية والحقوقية في قوانين الهجرة واللجوء بدل المقاربات الأمنية أو تيارات صناعة الخوف والكراهية؛ لأنه عندما نتكلم عن الهجرة واللجوء، فإننا نتكلم عن الإنسان أولًا وأخيرا…

عن afriquemondearab

شاهد أيضاً

عاصفة غزة وجبر الكسور!

مقال الأهرام / عدد اليوم الأثنين 6 نوفمبر  __ عاصفة غزة وجبر الكسور! _____ عزالدين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *