الخميس , مارس 28 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار عامة / كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في الجلسة الافتتاحية لفعاليات تخليد اليوم العالمي للقضاء على العنف الممارس على النساء‎‎ Boîte de réception

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في الجلسة الافتتاحية لفعاليات تخليد اليوم العالمي للقضاء على العنف الممارس على النساء‎‎ Boîte de réception

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي

رئيس مجلس النواب

في الجلسة الافتتاحية لفعاليات تخليد اليوم العالمي للقضاء على العنف الممارس على النساء

مجلس المستشارين، الثلاثاء 7 دجنبر 2021 

السيد رئيس مجلس المستشارين والزميل العزيز النعم ميارة،

السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان،

السيدة وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والمرأة،

السيدات مسؤولات القطاعات النسائية في الأحزاب السياسية الوطنية،

السيدة ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب،

الزميلات والزملاء البرلمانيين،

السيدات والسادة ممثلات وممثلي وسائل الإعلام،

السيدات والسادة

 

 

إذا كنتُ سعيدًا بأن أشاركَ في فعاليات تخليد اليوم العالمي للقضاء على العنف الممارس على النساء الذي تحييه بلادُنا في سياق الأنشطة التي تمتد إلى عاشر دجنبر 2021، فإن سعادتي مَشُوبةٌ بكثيرٍ من الأَسف، وأنا أرصُدُ، كما تَرْصُدْنَ، وكما تَرْصُدُونَ، استمرارَ هذه الظاهرة الاجتماعية التي ليست حالةً مغربيةً فقط، ولكنها ظاهرةٌ عالميةٌ ترصدُها التقاريرُ الدوليةُ في بلدانِ الجنوبِ كما في بلدانِ الشمال.

وإذ أثمن هذه الفعالية التي ينظمها مجلس المستشارين أود التأكيد على أننا لَسْنَا في حاجة إلى التذكير بأعداد النساء المُعَنَّفات، وبأشكالِ العنف الممارس ضِدَّهُنَّ وسِيَاقَاتِه لِنَزِنَ الأضرار البالغة لهذه الآفة. فَمَهْمَا كان حجمُ الظاهرة وعدد ضحاياها، فإنها تعتبر مسًّا خطيرًا بحقوق الإنسان، وخرقًا جسيما للقانون وتَذْهَبُ على النقيض من طبيعة العلاقات التي يتعينُ أن تكونَ عليهَا الروابطُ بين أفرادِ المجتمع، بل هي نَقِيضُ جَوْهرِ النَّزعةِ الإنسانية وضد التحضُّرِ البشري.

وَلَئِنْ كانَ تشخيصُ هذا العنف ضروريًّا للإحاطةِ بالظاهرة، فإن التَّصَدِّي لجذورِه وأسبابِه يظل أمرًا حاسمًا، علمًا بأن آليات ومداخلِ اجتثاثِ الظاهرة تَتَعَدَّدُ وتتفرَّعُ إلى ما هو قانوني زَجْرِي، وما هو بيداغوجي-تربوي وما هو سوسيولوجي وثقافي.

لسنا، كما سبق أن أَكَّدْتُ، في المغرب، بِمَنْأَى عن استفحال الظاهرة. ولكن من حسنِ حظ بلادِنا أن إِرادةَ التصدي لها، وإرادةَ تكريمِ النساء، وإرادةَ إعمال المساواةِ والمناصفة، وإرادةَ تعزِيز تواجدِ النساء في مراكز القرار السياسي والمؤسساتي والاقتصادي والثقافي والدبلوماسي، هي أولًا، وفي المقام الأول، إرادةٌ ملكية راسخةٌ لصاحبِ الجلالةِ الملكِ محمد السادس نصرُه الله ؛ وهي إرادةٌ وسياساتٌ تتعبأُ خلفَها وفي صُلْبِهَا، وتنخرطُ فيها، القوى الحية السياسية والمدنية في البلاد ومؤسساتها.

وبفضل هذا الحرص الملكي على رعايةِ حقوقِ النساء وكَفَالةِ كرامتهن، كانت حقوق النساء وحِمَايَتِهِنَّ في صلب الإصلاحات التي دشَّنَتْها بلادُنا منذ أكثر من عشرين عامًا. فجميعُنا يتذكرُ الحرصَ الملكي السامي على إصدارِ مدونة جديدةٍ للأسرة في 2004 وإخضاعِها لمسطرةِ التشريع بعدَ استشاراتٍ وطنيةٍ واسعة وحوارٍ وطني هادئٍ، وما حَمَلَتْهُ من مقتضياتٍ تَحَرريّةٍ، ومن كَفَالَةٍ لحقوقِ النساء والأطفال وإِعْمَالٍ للتوازنِ في إطار الأسرة. كان ذلك في مناخٍ وسياقٍ إقليمي حضاري محافظ، ولكنه كان خطوةً اعْتُبِرَتْ، وما تزال، من طرف المنظمات الدولية وشركاء المغرب ومن يتقاسم معهم قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان، نموذجًا لمدونةٍ متقدمةٍ.

وقد مَهَّدَ اعتمادُ المدونة لمسارٍ طويلٍ من الإصلاحات العميقة لَكَفَالَةِ حقوق النساء وما قد تَتَعَرَّضْنَ له من عنفٍ جسدي، أو اقتصادي أو رمزي، كانت الحلقةُ المركزيةُ فيها ما يَزْخَرُ به دستورُ المملكة لعام 2011 الذي، علاوة على تَنْصِيصِه على تَمْتيعِ الرجل والمرأة على قَدَمِ المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية وغيرها الواردة في القانون الأسمى للبلاد، وكذا في الاتفاقيات والمواثيقِ الدولية كما صادق عليها المغرب، يؤكدُ سعيَ الدولة إلى تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء ويقضي بإحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

وقد أطلق دستور 2011 دينامية إصلاحية تشريعية ومؤسساتية لكفالة حقوق النساء، وأساسا محاربة التمييز والعنف الممارس ضدهن، كان من علاماته البارزة المصادقة على القانون رقم 103.13 المتعلق بـمحاربة العنف ضد النساء.

وإذا كان تَعنيفُ النساءِ، كما أَيَّ إنسان، مرفوضًا ومُدَانًا بكل الشرائع والقوانين والقيم والمعايير، فإن التَّكَفُّلَ بالفتيات والنساء ضحايا العنف، وإحقاقَ العدالة وزجرَ هذه الممارسة المَقِيتَةِ يُعتبرُ عملًا حاسمًا لِلْأَخذِ بِيَدِ مَنْ يَتَعَرَّضْنَ لهذا النوع من الظلم المُؤْذِي والجَارِحِ للكرامةِ وللجسد.

وإدراكًا من بلادنا لهذه المسؤولية، فقد جعلت من مؤسساتِ وخَلَايَا التكفل بضحايا العنف من الفتيات والنساء، سياسةً عموميةً ثابتةً يمتدُّ توزيعها المؤسساتي من مؤسسة الأمن الوطني مركزيا وترابيا، إلى المحاكم، وهو ما يُدَعِّمه ويُعَزِّزُه عَمَلُ هيئاتِ المجتمع المدني التي تقوم بدور اليقظة والتوعية والتأطير.

ولاغرابة في أن تكونَ الممارسةُ المغربيةُ في مجال التكفل بضحايا العنف والاستماع لهن وتوجيههن الذي تنجزه خلايا المديرية العامة للأمن الوطني نموذجًا يُحتَذى به في الممارسات الدولية وموضوعَ إشادةٍ من جانبِ هيئاتِ الأمم المتحدة.

السيد الرئيس

السيدات والسادة،

إذا كُنَّا قد وَفَّرْنَا في بلادنا الآليات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية واللوجستيكية للتكفُّلِ بضحايا العنف، فإن استمرار الظاهرة يُسائِلُ وَعْيَنَا ويسائلُ بعض النَّزَعَات المحافظة التي تَسْتصغر الظاهرة، وتتصالح معها.

وإذا كانت القوانينُ حاسمةً وأساسيةً في التصدي لهذه الممارسات المُنَاقِضَةِ لجوهرِ الإنسانية، فإن تصحيحَ العديد من التَّمَثُّلاتِ لِمَرْكَزِ المرأة في المجتمع، يتطلبُ مزيدًا من التعبئة الثقافية والمدنية، في المجتمع، وفي الأحزاب والجمعيات، وفي الإعلام حتى ننجحَ في عزل هذه الظاهرة وعزلِ من يمارسها، بالموازاة، طبعا، مع سياساتِ الزجرِ الحازمِ والحاسمِ وغير المُتَصالحِ مع العنف، وبالموازاة أيضًا مع توفير الحمايةِ للضحايا والمبَلِّغات عن العنف.

وبالتأكيد فإن البرلمان يُوجد في صُلبِ المؤسساتِ المدافعةِ عن النساء وعن المساواة والإنصاف بحكم اختصاصاته التشريعية ومسؤوليته في تجويد القوانين وتحسينها وملاءَمَتِها مع السياقات وحاجيات المجتمع ؛ وبحكم اختصاصاته في مجال الرقابة والتصدي للظاهرة، وبحكم مركزه الدستوري الذي يمنحه فضلا عن هذه الاختصاصات سلطة رمزية بيداغوجية.

وبالتأكيد، فإن من مداخل اجتثاث ظاهرة العنف ضدّ النساء، السياسات الناجعة لتوفير التمكين الاقتصادي والاستقلال المادي للنساء، وأساسًا السياسات التي تُيَسِّرُ التواجدَ المكثف للنساء في مراكز القرار مركزيا وترابيا لما في ذلك من رسائل إلى المجتمع، ومن اعتراف بالإبداع النسائي وبقدرةِ المرأة على القيادة. ولنا في تاريخِنا القديم والحديث والمعاصر ما يؤكد هذه القدرات.

وإذا كانت المسألةُ النسائيةُ تقعُ في صميم الأوراش الإصلاحية التي أطلقتها بلادنا بقيادةِ، وتوجيهٍ من صاحبِ الجلالة، أعزَّه الله، سواءٌ منها التغطية الصحية والاجتماعية، أو التنمية المستدامة، أو الاستثمار أو الاقتصاد التضامني والاجتماعي، وإذا كانت المشاركة النسائية تُعْتَبَرُ إِحْدَى رافعات النموذج التنموي الجديد، فإن التعليم والتربية والتكوين المُوَجَّهِ للفتيات، يظل دائما مدخلًا حاسمًا للتصدي لما تتعرض له النساء من عنف جسدي ورمزي واقتصادي. وبالطبع فإن ذلك لا يُلغي الدورَ الحاسم للتواصل والتوعية والإعلام في فضح الظاهرة وكسر الصمت الذي قد يُضْرَب على الممارسات المُسيئة لنصف المجتمع.

وبعيدا عن استصغار الظاهرة أو تضخيمها، وبالنظر إلى الطبيعة المركبة للعنف ضد النساء، فإن الاشتغال على الوعي الجمعي وعلى الثقافة بالموازاة مع الزجر وإعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وإعمال القانون، من شأن كل ذلك إحداث التراكم الذي ينبغي أن يُنْجِزَ تحولا في تعامل المجتمع مع الظاهرة للقطع معها وبلوغ الهدف الأممي المتمثل في “بناء مستقبل خال من العنف على المرأة”.

في الختام أُثَمِّن هذا الانخراط البرلماني في عملٍ مواطنٍ نبيلٍ، وأجدد الشكر الخاص لزميلي رئيس مجلس المستشارين على دعوته، كما أشكركم سيداتي سادتي على كريم الإصغاء.

 

عن afriquemondearab

شاهد أيضاً

كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض؛ رئيس النيابة العامة. في الملتقى الإقليمي حول موضوع دور المؤسسات الأمنية في الوقاية من التعذيب

المملكة المغربية رئاسة النيابة العامة ⵜⴰⴳⵍⴷⵉⵜ ⵏ ⵍⵎⵖⵔⵉⴱ ⵜⴰⵏⵙⵙⵉⵅⴼⵜ ⵏ ⵜⵎⵓⵔⴰⵢⵜ ⵜⴰⵎⴰⵜⵢⵜ كلمة السيد الوكيل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *