بلاغ للرأي العام وللشغيلة المغربية
المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل يدعو إلى إصلاح حقيقي للأنظمة الاجتماعية من خلال توحيد وتجميع صناديق التأمين الصحي والتقاعد في صندوقين عام وخاص في أفق اعتماد صندوق واحد للضمان الاجتماعي ويعبر عن رفضه أي اقتطاعات جديدة من أجور الموظفين لتغطية الصناديق الاجتماعية المفلسة بسبب الفساد.
عقد المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل اجتماعا استثنائيا على ضوء القرار الحكومي القاضي بمواصلتها استنزاف جيوب الموظفين والأجراء وضرب قدراتهم الشرائية، مما يشي بمنحى سلبي في التعاطي مع قضايا العمال والموظفين وحقوقهم ومكتسباتهم،من خلال فرض اقتطاعات جديدة لفائدة صناديقها الاجتماعية المفلسة بسبب النهب والفساد الذي عانت منه لعشرات السنين، وهي قرارات أكدها وزير الاقتصاد والمالية الموكول له إعداد مشروع ميزانية 2021، ووضع استراتيجية لإنعاش الاقتصاد الوطني الذي وصل إلى وضعية كارثية، بسبب تفاقم العجز في الميزانية وارتفاع معدل المديونية وفوائدها إلى مستويات قياسية، حيث تجاوز الدين الخارجي للمغرب 40 مليار دولار، وخدمة الدين فاقت 25 مليار درهم، منها 4 مليار درهم كفوائد، فضلا عن العجز الاجتماعي المتمثل في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بسبب تسريح جماعي للعمال، حيث تجاوز مؤشر البطالة 15 في المائة، وضياع ما يقارب مليون منصب شغل بسبب تداعيات الجائحة و التوقف الاضطراري للاقتصاد غير المهيكل الذي يشغل 4.5 مليون من الأسر، يعيش أفرادها دون خط الفقر، و لا يكفي دخلهم لتوفير الغذاء، وهو ما أدى إلى اتساع فجوة ودائرة الفوارق الطبقية، في الوقت الذي أطلق فيه العنان لتجار الأزمات لتحقيق أرباح طائلة أمام أعين السلطات الحكومية وبمباركة منها أحيانا في ظل الجائحة، و سمح فيه لفئة أخرى من الأغنياء بتحويل ودائعها للخارج في عزّ الأزمة التي تجتاح البلاد بدون أي وازع أخلاقي أو حسّ وطني؛
وفي نفس الإطار المتسم بمجموعة من الاختلالات والنواقص الاقتصادية والاجتماعية، كشفت الجائحة عن عمق الأزمة البنيوية والهيكلية لمنظومتنا التعليمية والصحية والخصاص المهول في الموارد البشرية والأطر والكفاءات الطبية والتعليمية، وضعف البنية التحتية و تقادم وعطالة التجهيزات الطبية والبيداغوجية واللوجستيكية، وضعف الحكامة والتدبير السيئ، وما تتطلبه المنظومتان من معالجة دقيقة ومستعجلة لتجويد خدماتهما والرفع من مردوديتهما؛
إنّ المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل الذي دقّ ناقوس الخطر مراراً من هذه السياسات اللاشعبية التي عطّلت نمو الاقتصاد الوطني، وأغرقت البلاد في مستنقع المديونية والعجز الشامل، وارتفاع مؤشرات الفقر والبطالة والأمية، في ظل تغطية اجتماعية ضعيفة جدا، لا تتجاوز 30 في المائة من الساكنة، يجدد تأكيده على أن فشل النموذج الاقتصادي والاجتماعي والتنموي يعود بالأساس إلى تبني منطق الليبرالية المتوحشة، ولمقاربات الريع والاحتكار واقتصاد الامتيازات واستمرار مظاهر الفساد والرشوة وسوء الحكامة؛
يجدّد الدعوة لوضع خطة اقتصادية تنموية بديلة في إطار المشروع الوطني للنموذج التنموي، و تبني خطة سوسيو-اقتصادية يقوم عماده الأساسي على الإطار الاقتصادي التضامني، وتقوم على الإنتاج الوطني الحقيقي في الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات، ووقف استيراد الاحتياجات الغير الضرورية التي من شأنها استنزاف احتياطيات العملة الصعبة و إلحاق الضرر بالمنتوج المحلي، والعمل على تشجيع الصناعة الوطنية المحلية و تعزيز الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية الاستهلاكية، وتقوية المنتج الوطني المحلي للنهوض بالقطاع الاقتصادي بشكل متين قوي ومستدام، بإعادة تأميم شركات وطنية كبرى كشركة سامير ضمانا للأمن الطاقي، وشركة اتصالات المغرب ضمانا للأمن المعلوماتي والقومي، وتفادي سلبيات التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتطوير المجال الرقمي كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وتقديم الدعم الكافي للمقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا بتسريع وتيرة المراجعة الجذرية للمنظومة الجبائية، وتحقيق عدالة ضريبية ملزمة وربطها بالحقوق والواجبات وخاصة التمثيلية، والتخلي عن الإعفاءات والامتيازات الضريبية الغير اجتماعية؛ كما يؤكد على ما يلي:
▪ وضع خطة شاملة ومندمجة اقتصاديا واجتماعيا تستوعب مئات الآلاف من العاطلين عن العمل أو الوافدين إليه من خريجي الجامعات والكليات والمعاهد العليا وضمان استقرار الشغل والرفع من الحد الأدنى للأجور وتحقيق العدالة الاجتماعية؛
▪ تنزيل مقتضيات الدستور وخاصة منها الحكامة الجيدة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة ليس فقط على مستوى الحكامة المالية بل أيضا على مستوى المردودية والنتائج في تحقيق أهداف المؤسسة، بناء على دفتر التحملات، وتقوية المؤسسات الدستورية المالية والقضائية ومنظومة الحكامة ، والارتقاء بأدائها وحماية استقلاليتها كمؤسسات دستورية حقيقية شفافة وذات مصداقية، مع تنزيل ميثاق المرافق العمومية لتكون في خدمة المواطنين والمواطنات وإعادة النظر في منظومة التعيين في مناصب المسؤولية من اجل تكريس معايير الكفاءة والمروءة والتجربة والاستحقاق والقطع مع المنطق الحزبي والأسري؛
▪ تعميم فعلي شامل ومنصف للحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الإجبارية عن المرض والتعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل، تنفيذا للتوجيهات الملكية، ببلورة إطار قانوني جديد وبرنامج عملي وأجندة محددة، ومصادر تمويل شفاف دون استهداف جيوب الأجراء والموظفين وبشراكة مع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين؛
▪ إصلاح حقيقي للأنظمة الاجتماعية وتوحيد وتجميع صناديق التامين الصحي والتقاعد في صندوقين عام وخاص في أفق اعتماد صندوق واحد للضمان الاجتماعي يضم إلى جانب الحماية الاجتماعية الدعم المباشر للأسر الفقيرة والمعوزة، تفاديا للتبذير والهدر، وبناء نظام جهوي للحماية الاجتماعية لتقريب خدماته للأجراء وللفئات المستهدفة من التغطية الاجتماعية في إطار السجل الوطني الموحد؛
▪ توقيف عملية الاقتطاعات لفائدة صناديق التقاعد والتامين الصحي من جيوب الموظفين والأجراء لتغطية عجز صناديق التقاعد والتامين الصحي والاجتهاد في توسيع دائرة التغطية والحماية الاجتماعية؛
▪ معالجة كل الملفات الاجتماعية العالقة المرتبطة بالوضعية الإدارية والمالية والقوانين الأساسية الجامدة للموظفين وأجراء القطاع الخاص باحترام مقتضيات مدونة الشغل وتوقيف نزيف التسريح الجماعي للعمال؛
إن المرحلة المقبلة بتحدياتها ومتغيراتها وإكراهاتها تستلزم:
▪ توعية وتحسيس المجتمع بخطورة الوضع وضرورة الانخراط في خطط الوقاية ونهج تدابير وإجراءات جريئة واحترازية، منها أساسا التباعد الاجتماعي واستعمال الكمامات الواقية وغسل وتطهير اليدين، لمواجهة جائحة كورونا كوفيد -للحد من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية؛
▪ بناء نموذج تنموي يتسم بالواقعية والفعالية ويحقق أعلى درجات التنمية المستدامة في إطار مشروع مجتمعي ديمقراطي حداثي، يستهدف كرامة الإنسان ويضع في صلب اهتماماته قضايا الشباب والمرأة والطبقة المتوسطة ويكرس قيم التضامن؛
▪ تفعيل دور الجهوية المتقدمة في تحقيق العدالة المجالية وتوزيع عادل لثمار النمو والثروات الوطنية للحد من الفوارق الطبقية والاجتماعية والمجالية؛
▪ إعادة النظر في القوانين الانتخابية التشريعية والجماعية والمهنية بما فيها انتخابات مناديب العمال واللجان الإدارية المتساوية لتكريس التمثيلية الجهوية والوطنية لضمان مزيد من الشفافية والديمقراطية؛
وأخيراً، إذ يجدّد المكتب التنفيذي استعداده الدائم للدفاع عن القضية الوطنية الأولى في مواجهة خصوم وأعداء الوحدة الترابية ويطالب برفع الحصار عن المواطنين الصحراويين المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف، فإنه في نفس الآن يعبر عن موقفه التضامني مع الشعب الفلسطيني في مواجهة كل مؤامرات التصفية والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي أفق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
|
|