السبت , مارس 23 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / سياسة / لعرض السياسي لدورة أبريل 2019 للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، حول مستجدات الساحة الوطنية وما تستدعيه من مواقف الأحد، 15 شعبان 1440 الموافق لـ 21 أبريل 2019

لعرض السياسي لدورة أبريل 2019 للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، حول مستجدات الساحة الوطنية وما تستدعيه من مواقف الأحد، 15 شعبان 1440 الموافق لـ 21 أبريل 2019

بسم الله الرحمان الرحيم

الأخ رئيس المجلس الوطني؛
الأخوات والإخوة في اللجنة التنفيذية؛
أخواتي وإخواني أعضاء المجلس الوطني ؛

تكريس التداول داخل المؤسسات
نلتقي اليوم في دورة جديدة للمجلس الوطني، التي تنعقد طبقا لأحكام النظامين الأساسي والداخلي للحزب، وفي إطار الانتظامية والدينامية التي ما فَتِئْنَا نحرصُ عليْهِمَا، منذُ المؤتمر العام السابع عشر (17)، في تفعيل أدوار المؤسسات والهيئات التنظيمية للحزب على الصعيد الوطني والإقليمي والمحلي والقطاعي.
وتلتئمُ هذه الدورة بجدول أعمال حافل سينصب بالإضافة إلى مناقشة مضامين وتوجهات هذا العرض السياسي حول مستجدات الساحة الوطنية وما تستدعيه من مواقف، (سينصبُّ كذلك) على نقاط تنظيمية وتدبيرية اعتيادية، لكنْ لَهَا أهميتُها في منظومة الحكامة الداخلية التي يتميز بها حزبُنا، ولا سيما فيما يتعلق بالتداول الجماعي حول البرامج والاختيارات، والشفافية في تقاسم المعلومة، وإشراك المناضلات والمناضلين في هموم التسيير، وتوازنات موارد ونفقات الإدارة الحزبية، وذلك من باب المسؤولية وتقديم الحساب من داخل مؤسساتنا التقريرية.
وفي هذا الصدد، شرعنا أيضا في تفعيل أدوار اللجنة الوطنية للمراقبة المالية المنبثقة عن المجلس الوطني، والتي نعتبرها الآلية الداخلية للافتحاص المالي لميزانية الحزب باسمكم أخواتي وإخواني أعضاء المجلس الوطني.

نداء إلى إخواننا بتندوف للالتحاق بأرض الوطن والمساهمة في تنزيل الحكم الذاتي
أخواتي، إخواني؛
وكما لا يخفى عنكم، لقد أصبحت دوراتُ المجلس الوطني، سواء في أكتوبر أو أبريل، تتزامنُ مع “أجندة” القضية الوطنية في المنتظم الأممي، وذلك بالوتيرة الجديدة التي ينهجها هذا الأخير في تتبع تطورات هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية والإشراف على مسلسل التسوية في إطار الحل السياسي المتوافق عليه.
وقد أكدنا غيرَ ما مَرَّةٍ أن هذا الإيقاع الجديد، بقرارين بدل قرار واحد في السنة لمجلس الأمن، يستلزمُ جبهةً داخلية قوية ومتماسكة، ودرجةً عالية من اليقظة والجاهزية على الواجهات: الأممية والإفريقية والأوروبية خاصة، من أجل مواجهة مناورات الوحدة الترابية والدفاع عن المصالح الدولية والجيو-ستراتيجبة لبلادنا، على المستوى الإقليمي والدولي.
وفي هذا الصدد، نُعَبِّرُ مرة أخرى عن ارتياحنا لما جاء في التقرير الأخير للأمين العام الأممي، الموجه إلى مجلس الأمن الذي ينقل من خلاله قناعتَه بأن “الحل السياسي ممكن”، ونشاطر السيد “غوتيرس” نفس القناعة مع إضافةِ أنَّ “الحلَّ آتٍ”. والحل لا يمكنه أن يكون، إن شاء الله، إلا الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية.
كما نؤكد بأن بلادنا ما فتئت تسعى عمليا إلى تدابير حسن النوايا وبناء الثقة بعزم لا رجعة فيه، خصوصا بعد عرض مقترح الحكم الذاتي، وإطلاق النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، وإعطاء الصدارة لجهات هذه الأقاليم في تفعيل ورش الجهوية المتقدمة من خلال إبرام البرامج التعاقدية باستثمارات تناهز 80 مليار درهم، فضلا عن إشراك ممثلي الساكنة ومنتخبيها في لقاءات جنيف التي يشرف عليها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، السيد هورست كوهلر.
ولا يسعنا هنا إلا أن نعربَ عن الاعتزاز الكبير بالمساهمة الفاعلة لكل من الأخ سيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، والأخ ينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، في تعزيز القوة التفاوضية للموقف المغربي الثابت من هذا النزاع المفتعل.

ومن جهة أخرى، نُنَوِّهُ بنتائج أشغال المؤتمر الوزاري الإفريقي حول دعم الاتحاد الإفريقي للمسار السياسي للأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية المنعقد بتاريخ 25 مارس 2019 بمراكش، واتفاق البلدان الإفريقية على تفعيل “الرؤية الحكيمة والمتشاور بشأنها” التي سبق إقرارُها خلال قمة نواكشوط شهر يوليوز الماضي والتي جددت التأكيد على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة في الإشراف على مسلسل التسوية من أجل إيجاد حل واقعي وعملي ومستدام.
كما نشيد بالكفاءة والفعالية التي اشتغلت بها الدبلوماسية المغربية، والالتقائية المثمرة بين المساعي الرسمية والمبادرات الحزبية والشعبية، والتي من بينها مبادرات حزب الاستقلال، في ربح معركة اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي وغيرهما من برامج التنمية والتعاون الدوليَيْن، والتي انتهت والحمد لله إلى تأكيد استفادة ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية من منافع الموارد الطبيعية المحلية، وثمار الاتفاقيات الدولية والبرامج التنموية.
وفي أعقاب الزيارة الميدانية التي قمنا بها بمعية إخواننا في اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية والفريق الاستقلالي بمجلسي البرلمان إلى أقاليم جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب- والتي كانت زيارة تاريخية بكل المقاييس الوطنية والسياسية؛ وبمناسبة مرور سنة على إطلاق إعلان العيون التاريخي في 9 أبريل 2018 الذي أوصى بتشكيل جبهة سياسية للدفاع عن وحدتنا الترابية ، توجهنا بنداء إلى إخواننا في مخيمات تندوف، ونحن نعرف الظروف الإنسانية الصعبة المفروضة عليهم هناك.
تَوَجَّهْنَا إليهم بنداء من أجل استشعار تحولات المنطقة والتوازنات الجديدة في بلدان الجوار، والالتحاق بأرض الوطن الموحد من طنجة إلى الكويرة، للمساهمة في المسار الديمقراطي والإقلاع التنموي للأقاليم الجنوبية، وتملك الفكرة الديمقراطية القوية التي يحملها مقترح الحكم الذاتي في ظل السيادة الوطنية بمضامينه التنموية والواقعية الموسعة التي توفر اطارا لتحقيق الكرامة والإدماج والعيش المشترك.
مصالح المواطنات والمواطنين رهينة خلافات الحكومة
أخواتي، إخواني؛
تنعقدُ دورةُ المجلس الوطني في سياق وطني دقيق يتسم باتساع دائرة المطالب والانتظارات المشروعة التي ما فتئ يعبرُ عنها المواطنات والمواطنون، وازدياد حدة الاحتقان الاجتماعي الذي وصل مداه إلى الجميع، في ظل التراجعات المسجلة في الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم، وفي استمرار تقهقر القدرة الشرائية للأسر أمام غلاء المعيشة، وفي ضعف سوق الشغل الذي لم يعد قادرا أكثر من السابق على استيعاب الشباب المغربي خريجي المؤسسات الجامعية ومدارس المهندسين ومراكز التكوين المهني.
وللأسف أن ما يزيد من تفشي أجواء ومشاعر الإحباط العام، هو أن هذه الاحتياجات والمطالب والانتظارات الملحة المُعبر عنها، لا تجدُ من جهة الحكومة من يُصغي إليها أو يتفاعلُ معها، ومن يُقدمٌ ما تقتضيه من تدابير وحلول استعجالية وهيكلية، وذلك حتى نحافظَ على ما تبقى من رأسمال الثقة في مؤسساتنا، والآمال في العيش اللائق تحت سقف الوطن. بل إن الحكومة قد كشفت، بدون استحياء، وفي محطات ومناسبات عديدة، كيف أنها تجتهدُ وتتعبّأُ وتُعبِّئُ حينما يتعلق الأمر بتلميع أنانياتها، وخوض صراعات مكونات أغلبيتها وحروبها الداخلية الصغرى، التي لا تنتهي- ويبدو أنها لن تنتهيَ إلا باستعجال 2021 التي يريدُونها قبل أوانها.
وكيف أن هذه الحماسة، وهذه التعبئة الحكومية تنتفي وتتعطل حينما يتعلق الأمر، في المقابل، ببلورة التدابير الناجعة والحلول الإجرائية، والتجاوب السريع مع الحاجيات الملحة لشرائح واسعة من الشعب المغربي، ولاسيما في إيجاد الشغل، وحماية القدرة الشرائية ومواجهة غلاء المعيشة ووقف تفقير الطبقة الوسطى، وغيرها من المحاور ذات الأولوية الحيوية حاليا التي سبق أن تَرَافَعْنا بشأنها من خلال مذكرة فريقي الحزب بالبرلمان إلى رئيس الحكومة من أجل قانون مالي معدل في منتصف سنة 2018. هذه المذكرة بمقترحاتها الوجيهة وإجراءاتها المدروسة التي لو تفاعلت الحكومة معها في حينها، بما يستلزمُه الأمر من تغليب للصالح العام، وتعاطٍ إيجابي ولو بكيفية تدريجية، لكانت بلادُنا قد رَبِحَتْ حوالي سنة من الاحتقان والشك والاستياء الجماعي الذي طال الأسر المغربية.
لكن الحكومة كان لديها، وفي تقديرها، ما هو أهمُّ بالنسبة إليها من مصالح المواطنات والمواطنين، ولَوْ تعطلت، ولو ظلت هذه المصالح رهينةَ مزاجيةِ أغلبيتها الغارقةِ في صراع الزعامات، وحسابات الربح والخسارة.
تخلي الحكومة عن هويتها السياسية في الحوار الاجتماعي
لقد اخترنا قبل سنة من اليوم، في دورة مشهودة للمجلس الوطني، الاصطفاف في موقع المعارضة الوطنية الاستقلالية، بما يحمله هذا الموقع من دلالات روح الوطنية العالية، والمسؤولية في بلورة وتقدير المواقف التي تجعل الوطن فوق كل اعتبار، والقوة الترافعية والاقتراحية في التعاطي مع المطالب المشروعة للمواطنات والمواطنين انطلاقا من العمق الترابي الذي يقيمون فيه.
واليوم، والحمد لله، لدينا حصيلةٌ وازنة ومُشرفة من المواقف والمبادرات والبدائل التي ساهم فيها جميع الاستقلاليات والاستقلاليين من مختلف مواقعهم التنظيمية، والتي شملت مختلف المجالات والقضايا ذات الأولوية والأهمية القصوى بالنسبة للمغاربة طيلة الأشهر الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد مرور سنة على موقعنا الطبيعي والمُشرّف في المعارضة الوطنية الاستقلالية، لا زالتْ قائمةً نفسُ الدواعي ونفسُ الأسباب التي تعلل هذا الاصطفاف:
o فالحكومة مستمرةٌ في توجهها الليبرالي المُفرط الذي يعمق الفوارق الاجتماعية والمجالية، ويهدد التماسك الاجتماعي؛
o والحكومة مُصرةٌ على المضي في الاختيارات والسياسات العمومية التي بلغَت مداها ولم تعد قادرة على مواكبة حاجيات المجتمع والمواطن في حدودها الدنيا أحيانا فيما يخص الصحة والتعليم والشغل؛
o والحكومة حَوَّلَتْ الخلافات المطردة لمكونات أغلبيتها إلى تصدع هيكلي في أدائها يَرْهَنُ ويُعطّلُ أوراشَ الإصلاح في العديد من القطاعات الحيوية.
ومن مِنْبَرِ مؤسسة المجلس الوطني، برلمانُ حزبِ الاستقلال، نُسائلُ الحكومة مرةً أخرى وبعدَ عشرات المرات:
o ما هي مآلات القوانين التنظيمية التي لم تصدر بعد رغم تجاوز الآجال التي حددها الدستور بأكثر من 3 سنوات، ولا سيما فيما يتعلق بالطابع الرسمي للأمازيغية، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وحق الإضراب، والدفع بعدم دستورية القوانين، وميثاق المرافق العمومية ؟
o متى سَتُفرجُ الحكومة عن الإصلاحات المعلقة والمؤجلة والتي التزمت بها في برنامجها الحكومي، نجد في مقدمتها: الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، والإصلاح الشمولي لمنظومة الدعم والتماسك الاجتماعي، ومأسسة الحوار الاجتماعي، وأكاديمية اللغة العربية، وتحويل الاختصاصات المشتركة والمنقولة في إطار الجهوية المتقدمة والاعتمادات المالية المصاحبة، وتفعيل صندوق التأهيل الاجتماعي، وصندوق التضامن بين الجهات، وميثاق الاستثمار الجديد ببعده الجهوي… ؟
o كيف أن الحكومة بأغلبيتها البرلمانية المريحة غير قادرة على إخراج هذه النصوص الأساسية من أجل استكمال الانتقالات الحقوقية والديمقراطية والحكاماتية والمجتمعية التي تعرفها بلادُنا، وكذا بتداعياتها على الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين ؟
o أين هي وعود تسقيف أرباح المحروقات التي تُلَوِّحُ بها الحكومة منذ سنة، دون أن تتحملَّ مسؤوليتَها كاملةً في تفعيلها، وكأنها تنتظرُ وتُسَوِّفُ وتُهدرُ الزمن لعلَّ وعسى يأتي من يتخذُ القرارَ نيابة عنها ؟
وأمام هذا الانسحاب من مُعترك الشأن العام، وهذه الاستقالة غير المعلنة للحكومة، وأمام تخلي هذه الحكومة عن هويتها السياسية في تدبير العديد من الاستحقاقات كما هو الشأن بالنسبة لملف الحوار الاجتماعي، لا يُمكننا- أمامَ كُلِّ ذلك- إلا أن نُثمنَ عاليًا المبادرات السامية لجلالة الملك محمد السادس أيده الله، الرامية إلى انتشال الأداء الحكومي من الانتظارية والتردد والبطء، من خلال إطلاق وتتبع العديد من الأوراش الإصلاحية ذات الأولوية، من قبيل سياسة الماء، والتكوين المهني والتشغيل، والحماية الاجتماعية، وإصلاح السياسة الفلاحية…وغيرها.
وليس غريبا في خضم هذا المناخ الحكومي المُختنق والمأزوم، أن تتداعى مؤشرات الثقة في الاقتصاد الوطني، وأن تتراجعَ وتيرة الاستثمار، بما في ذلك انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحوالي 30 في المائة مقارنة مع السنة الماضية فقط، بكل آثاره السلبية على فرص الشغل الموجهة إلى الشباب المغربي.
دافعنا عن مجانية التعليم واللغتين العربية والأمازيغية وأسقطنا التعاقد
أخواتي، إخواني؛
ترصيدًا وتحليلاً لكل ما سبق من أسباب ودَواعٍ، يحدُونا العزمُ من أجل مواصلة العمل الذي بدأناه في إطار المعارضة الوطنية الاستقلالية، بانخراطٍ أكبر وديناميةٍ أنجع، للاضطلاع بأدوارنا الدستورية في خدمة الوطن والمواطنين.
وانطلاقا من هذا الموقع، لم نتردد في القيام بدورنا الوطني والاستقلالي الذي يقتضيه ورشٌ إصلاحي، واستراتيجي ومجتمعي، يستشرف مستقبل الأجيال الحالية والقادمة، من قبيل: ورش إصلاح التعليم. لذلك، اعتبرنا أن إصلاحا بهذا البعد المجتمعي الكبير والعميق، لا يمكنه إلا أن يكون موضوع تعاقد يتجاوز منطق الأغلبية والمعارضة، ولكي نَضْمَنَ له منذ البداية الانخراطَ والتملك الجماعي الكفيل بإنجاحه.
وهكذا ساهمنا من خلال الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، الذي نُحَيّي بالمناسبة نضالَه المستميت في الدفاع والترافع عن مبادئ وقيم ومقاصد مرجعيتنا التعادلية في أبعادها المختلفة في مضامين مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي.
وأؤكد هنا، ما سبق أن ذَكَّرتُ به أخواتِكم وإخوتَكم في الدورة الأخيرة للجنة المركزية التي تمحورت حول إصلاح التعليم، أنه لولا إسهامنا في البحث عن توافق برلماني، لما تَمَكَّنَا والحمد لله أن ندرج العديد من القناعات والتوجهات والمقاصد النابعة من المرجعية التعادلية المتجددة، ولا سيما فيما يتعلق بالنقط الخلافية الواردة في مشروع القانون الإطار:
o استطعنا أن نواجه بكل حزم بوارد التراجع عن مجانية التعليم، ودافعنا عن هذا المكتسب المجتمعي للشعب المغربي، وترافعنا باسم المدرسة العمومية والطبقة الوسطى لكي لا يصبح التعليم سلعة وخدمة وجودة لمن يدفع أكثر، ونبهنا إلى أن تستعيد المدرسة العمومية دورَها كفضاء للتمازج الاجتماعي الذي هو شرط حاسم في تحقيق وديمومة العيش المشترك داخل المجتمع؛
o استطعنا كذلك أن نعطي لمفهوم التناوب اللغوي مضمونا وطنيا يأخذ بالتعدد وليس بالثنائية اللغوية كما كان في مشروع الحكومة، وأَلْحَحْنَا على الاحتفاظ للغتين الرسميتين للدولة بمكانتهما الأساسية في هذا التناوب، مع التأكيد على الوتيرة التدريجية التي تمكن من توفير الموارد البشرية الكافية من الأساتذة حتى يستفيد كل التلاميذ، أينما كانوا من منافع التدريس بالعربية والأمازيغية وباقي اللغات الحية. وتبقى العربية هي اللغة الأساسية للتدريس في مختلف المستويات؛
o (واستطعنا أخيرا) أن نترافع باسم أكثر من 70 ألف أستاذ من موظفي الأكاديميات من أجل حذف صيغة التعاقد من مشروع القانون الإطار، ولكي لا يصبح هذا النص سندا قانونيا لتكريس الهشاشة وعدم الاستقرار الوظيفي لأسرة التعليم، لا سيما وهي الحاملُ الرئيسي لمشروع الإصلاح الذي نُعَوِّلُ على نجاحه جميعا.

الفصل 103: مطالبة للحكومة بإعمال اختبار الثقة في أغلبيتها المُنفرطة
لكن، ها هي الحكومةُ تخطئُ الموعدَ مرةً أخرى، وتنساق وراء حساباتها السياسوية الضيقة دون اعتبار للصالح العام ولمصداقية المؤسسات.
وها هي عَدْوى الخلافاتْ تصلُ إلى جسمِ الحزب الذي يقود الأغلبية الحكومية، كما وصلَ التصدُّعُ إلى عرقلة الممارسة التشريعية داخل البرلمان، وما يُفْرِزُهُ ذلك من إضعافٍ واضح لرصيد الثقة في مشروعيتها ووظائفها.
وفي هذا الصدد، توجهنا إلى الحكومة في شخص رئيسها بأننا كحزبٍ في المعارضة أخَذْنَا نَتَساءلُ بِتَوَجُّسٍ مُلِح:
o هلْ انْفَرَطَ عِقدُ الأغلبية ؟
o هل ما زالتِ الحكومةُ تحتكمُ على ثقة الأغلبية البرلمانية التي تتشكلُ منها ؟
وقُلنا للسيد رئيس الحكومة: اخْتَبِرْ أولاً تَمَاسُكَ أغلبيتِك قبل أن تبحثَ عن التوافق من خارجها.
ودَعَوْنَاهُ إلى تفعيل مقتضيات الفصل 103 من الدستور من خلال ربط طلب الموافقة على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي بتصويت تجديد منح الثقة في هذه الحكومة التي نُريدُ لها أن تضطلعَ باختصاصاتها الدستورية كاملةً إلى مَتَمِّ ولايتها، وأن تقدم بعد ذلك الحساب للمواطنات والمواطنين.
سنسعى إلى تفعيل الفصل 101 لمطالبة الحكومة بتقديم حصيلة منتصف الولاية
أيتها الأخوات والإخوة في المجلس الوطني؛
إن إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كذلك، تقتضي من الحكومة في شخص رئيسها أن تتقدم اليومَ، ومن داخل مؤسسة البرلمان، بحصيلةِ مرحلية لمنتصفِ الولاية، تكريسا للمكتسبات والممارسات السياسية الجيدة التي ساهمنا في تأسيسها في عهد الحكومة التي ترأسها الأستاذ عباس الفاسي ( شافاه الله).
وفي غياب أي مؤشر على وجود مبادرة لرئيس الحكومة في هذا الاتجاه، فإننا سنسعى من خلال الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إلى جانب الفرقاء الذين يُقاسمُوننا الموقع والتقدير السياسي، (سنسعى) إلى تفعيل الفصل 101 من الدستور.
هذا التمرينُ الديمقراطي سيكونُ فرصةً للنقاش الموضوعي والبناء، ولحظةً للعمل الرقابي والتقييم المؤسساتي بمشاركة جميع الفاعلين لهذه الحصيلة المرحلية بمختلف مخططاتها وبرامجها، في ضوء التزامات البرنامج الحكومي.
وهي حصيلة نعتبرها في حزب الاستقلال حصيلةً هزيلة من حيث الأثر الملموس على معيش المواطن وواقع التنمية ببلادنا، رغم ما يتم الترويج له من أرقام ونتائج صالحة للعرض والتسويق ليس إلا.
وندعو الحكومة، بناء على هذا النقاش الذي ستحتضنه المؤسسة التشريعية، إلى أن تقوم بمراجعة برنامجها الحكومي، يأخذ بعين الاعتبار خارطة الطريق الاستراتيجية التي أطلقها جلالة الملك حول تسريع ورش الجهوية واللاتركيز، والنهوض بالحماية الاجتماعية، ووضع استراتيجية مندمجة جديدة للشباب، ومراجعة هيكلية لبرامج ومخططات التشغيل والتكوين المهني، وتطوير السياسية المائية في مواجهة تحديات الخصاص، وإصلاح السياسة الفلاحية، وبروز طبقة وسطى في العالم القروي.
ونتطلع أن تكون هذه المراجعة للبرنامج الحكومي بمثابة تمهيد للتحول نحو النموذج التنموي الجديد، لا سيما في إرساء براديغم جديد للتماسك المجتمعي، الذي يقوم على تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتقليص الفوارق بين الأجيال الحالية والقادمة، وتقوية منظومة القيم المشتركة للهوية الوطنية والإنسية المغربية.
……………………………………………….

ولا يفوتني في ختام هذا العرض، أن أتوجه إلى الأخوات والإخوة أعضاء المجلس الوطني مناشدا الجميع الحرص على استمرارية الدينامية التنظيمية من خلال الالتفاف حول حزبنا والإخلاص لقيمه ومبادئه والثوابت التي يدافع عنها، والتحلي بالمسؤولية والالتزام في تصريف مواقف المؤسسات الحزبية، والدفاع عنها، وذلك بما يوطد وحدة الصف ويحصن البيت الاستقلالي، ويخدم المواطنات والمواطنين بالترافع عن همومهم وانشغالاتهم ومواصلة الرسالة الموضوعة على عاتقنا في العمل على تحقيق آمال شعبنا في الديمقراطية والتنمية والتعادلية الاقتصادية والاجتماعية.

وإني إذ أحرص على إذكاء النقاش البناء، وإعمال فضيلة النقد الذاتي عند الاقتضاء كممارسة عقلانية لتحسين الأداء، لأدعو أخواتي وإخواني إلى ألاَّ نكونَ على بعضنا البعض أكثرَ قسوةً من خصومنا علينا. فرفقا بأنفسنا أيتها الاستقلاليات، أيها الاستقلاليون.
” ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. فاعْفُ عنهم واستغفرْ لهم وشاوِرْهُم في الأمر. فإذا عزمتَ فتوكل على الله.”
صدق الله العظيم

والسلام عليكم ورحمة الله

عن afriquemondearab

شاهد أيضاً

الذكتور احمد فطري يوجه رسالة الى رئيس الحكومة عزيز اخنوش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *