بعد مرور عشرين سنة على إصدار مدونة الأسرة 70.03 اثر تحكيم ملكي بين القوى المحافظة وأصحاب التحديث والتجديد سنة 2003م، الذي تمخض عنه نص قانوني خاص بأحوال الأسرة من خطبة،زواج، وطلاق، وميراث ووصايا ثم التصويت عليه بالإجماع بقبة البرلمان.
وبما أن طبيعة المجتمع المغربي يشهد تطورا ملحوظا على جميع المستويات بفضل الانفتاح وما اسفرت عنه الثورة التكنولوجية الحديثة، من تلاقي الحضارات وتلاقح الافكار.
وبعد هذه المدة الزمنية من تنزيل مقتضيات مدونة الأسرة على الواقع، تبين لأصحاب البدلة السوداء والهيئات القضائية والحقوقية وفعاليات المجتمع المدني التي تشتغل في مجال الأسرة والطفولة، أن المدونة تحتاج الى ادخال تغييرات على بعض فصولها حتى تستجيب لمستجداث عرفتها بنية الأسرة المغربية.
وقد استقر اجتهاد المطالبين بالإصلاح على منع زواج القاصر، وتدبير الأموال المكتسبة، واسقاط الولي، وغيرها من المسائل الشاذة في قضايا التوريث.
ومن باب توجيه النظر وتقريب المسافة دعا أمير المؤمنين الملك محمد السادس حفظه الله رئيس الحكومة المغربية، باعتماد مقاربة تشاركية وتكاملية، لاعداد مقترحات جديدة، مع التنبيه إلى استشارة مباشرة مع مؤسسة المجلس العلمي الاعلى فيما له علاقة بالأسرة من داخل المرجعية الإسلامية بالاحتكام الى مقاصد الشرع الحنيف، بتتاغم مع الثوابت الدينية والهوية الوطنية.
ومن هذا المنطلق اجتمعت اللجنة للتفكير في اليات الاشتعال واستقبال المقترحات من جميع الفاعلين سواء الرسميين او المدنيين.
في الجهة المقابلة للواقع برزت في مواقع التواصل الاجتماعي سيولة رقمية من الاخبار والنظريات الوهمية التي ستعمل على تنزيلها اللجنة الحديدة، يغلب عليها طابع التهويل والاستهزاء، عبر بث فيديوهات ومقاطع تعمل على تضليل الرأي العام المغربي تجاه هذا الورش المجتمعي الكبير.
ومن أجل إزالة اللبس فإن الأمر لا يستدعي هذا التيه الرقمي، حيث لم تبدأ بعد مشاورات التعديل، ثم إن هناك مؤسسة ساهرة على نواة الأسرة المغربية وهي إمارة المؤمنين التي بينت المنهج السديد الذي يجب ان يتبع في تصدير مدونة الأسرة 70.03، من التأكيد على مبدأ المناصفة بين الرجل والمرأة، واعتبار العلاقة الزوجية الشرعية أساس تشكل المجتمع.
من خلال ما تقدم يتضح لي ان على اللجنة المكلفة بتقديم مقترحات لاعداد نص قانوني جديد ينظم خلية الأسرة في وقتنا الحالي إحداث منصب الناطق الرسمي باسمها قصد مجابهة الاخبار المضللة عن هذا الورش المجتمعي الكبير.
فهد العيساوي باحث في العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط.