لفت الأديب “الطالب ” السوداني إبراهيم ادم عبدالله ضوالبيت،  أنظار الحضور ومتابعي مهرجان رباط الثقافات التي اقيمت بالعاصمة المغربية ، الرباط ، وكانت دولة  السودان بديبلوماسيتها وفقهاها وادباءها، ضيف شرف فيها ، ضو البيت كما تطلق عليه الجالية السودان بالمغرب، ينحدر من  دارفور  في غرب السودان، تميز خلال هذا المهرجان الثقافي بتوقيع روايته رحلات المأساة، والتي تلخص الواقع المعاش اجتماعيا واقتصاديا في منطقته.
 في الحوار التالي ، يحكي ضو البيت، الذي أضاء الحدث بلغته العربية الجميلة والتي تعلمها في سن متأخر، ويقول بأنه سيعمل من اجل تحسينها أكثر فأكثر، عن دارفور وعن السودان والمغرب والمغاربة والروابط الثقافية والدينية.

 ماذا عن رواية رحلات المأساة؟
 رحلات المأساة هي رواية واقعية وليس خيالية كما يزعم البعض، وكنت شخصياً جزءاً لا يتجزأ منها، بل هي حقيقة تجسد مآسي مواطنين في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان، خاصة الذين عانوا كثيراً وما زالوا يعانون من ويلات هذه الحروب العبثية.
صراحة كل من قرأ هذه الرواية يقول لي بأنها رواية مُضحكة ومُحزنة ومُبكية في آن واحد، أي تجعل المرء يشعر بالفوضى في الأحاسيس.
بالتالي هي جسدت مجموعة من المآسي الإنسانية ليس في السودان فحسب وإنما في العالم كآفة، التي كان محلا لاهتمام العالم الإنساني، كما عكست هذه الرواية ايضاً العادات والتقاليد السودانية المتمثلة في الكرم والشهامة والتعاون والتضامن وكل القيم النبيلة التي تجمع بين جميع فئات من الشعب السوداني فيما بينهم لمحاربة على مثل هذه المآسي بعيداً عن مصادمات السياسيين وساستها.
فرحلات المأساة سلطت الضوء ايضاً على بعض الممارسات الغير الأخلاقية التي تحدث في بعض المراكز العتيقة في تعاليم الدين وأصوله خاصة في الأقاليم المنكوبة.
كما لا يخفى على أحد أننا  في غرب السودان أي دارفور تحديداً أن التعدد  بين الزيجات، هو الأصل، وبالتالي قد تجد في كثير  من الأحيان زوج  لديه منزل واحد بمساحة لا تتجاوز 200 متر مربع، وفي الوقت ذاته متزوج بأربعة زيجات، يعشن بحب وتراضي ،وقد يرزق  الله هذا الزوج ما بين 16 إلى 20 من البنين والبنات، مما يجعله يواجه الصعوبات في تربيتهم وإعالتهم ،ومن هنا تبدأ مأساة هؤلاء الأطفال في دنيا التشرد، والتربية غير السليمة،  وإهمال البعض لفلذات اكبادهم، مما يساهم في الهروب والهجرة سواء كانت هذه الهجرة شرعية أو غير شرعية، بحثاً عن الأفضل لكريم العيش في أرض الله الواسعة، ومن منطقة لأخرى داخل السودان وحتي خارجه.
وفي الجزء الأخير من هذه الرواية خصصناها في الدور الفعال والإيجابي للمملكة المغربية الشقيقة، في تكوين الطلبة الأجانب وتأهيلهم عن طريق الوكالة المغربية للتعاون الدولي، كما أكدنا علي انفتاح المغاربة وكرمهم في استقبال الأجانب.
أتمنى أن تتحول هذه الحروب إلى تعاون دولي يحقق وحدة العالم الإنساني، والسلام ورفاه البشرية، والبدء بشن حروب إيجابية ومفيدة، بدلاً من الحروب السلبية كالحرب على الجرائم الفساد والظلم والأمراض والتمييز والإرهاب والفقر والجوع والجهل والأمية، وكل ما يدمر  الإنسانية الإنسان في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
فالحديث عن هذه الرواية هو حديث طويل جداً وشيق، ويمكن القول أنه حديث ذو شجون.

أنا زُرت أكثر من أربعين مدينة مغربية، كانت هذه الزيارة كلها مع اصدقائي المغاربة في منازلهم، لذلك فضل شعب المغربي علينا كبير جداً، ولا ننسى أيضًا فضل المؤسسات العلمية المغربية التي لولا فضل تأطيرهم لنا لما وصلنا في هذه المرحلة التي تصفها أنت بالإبداع، بصراحة انا بدأت في تعليم اللغة العربية في 2008 في الخرطوم، عندما وطئت قدماي داخل تراب المملكة المغربية، لم أكون أستطيع تركيب جملة مفيدة بلغتها العربية الصحيحة، لذلك اعترف لك بأنني تعلمت اللغة العربية بطريقتها الصحيحة في المغرب. لذا مهما بذلت من أجل المغرب والمغاربة فلن أستطيع أن نرد جميلهم، فمن الأحسن أن نترك الجزاء بالخير لهم لله سبحانه وتعالى، فذو قوة المتين يجزي كل مُحسن المؤمن بعمله بما فعله من الخير.

 في المغرب ،تحصلت على شهادة الإجازة في القانون العام بجامعة سيدي محمد بن عبد الله،  كما تحصلت على دبلوم ماجستير في العلوم الإدارية والمالية بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط.

 أنني زُرت المغاربة في منازلهم بل وشاركت معهم في الأفراح قبل  احزانهم ، ففي بعض المدن كالريصاني  (معقل مولاي علي الشريف، جد العلويين الشرفاء)، يستقبلون ضيوفهم بقراءة القرآن الكريم يتلوها أحد رجال المنزل، كما يستقبلون ضيوفهم بالحليب والتمر، هذا العادة نراها حتى  عند دبلوماسيين المغاربة يقدمون لضيوفهم الحليب والتمر، لذلك فالشعب المغربي شعب كريم وطيب يستقبلون ضيوفهم في أجمل ما لديهم من الغرف في منازلهم.

 في جانب اخر ، نجد خريجي المغرب من السودانيين لديهم جمعية كبيرة  وقوية ،مقرها في الخرطوم، مهمتها الأساسية هي مشاركة المغرب في جميع محافلها الوطنية من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية الشقيقة، كما تساهم هذه الجمعية في التنمية والمساهمة في بناء وتوطيد العلاقات العامة بين البلدين، ومن ضمنها العلاقات الثقافية، كما توجد بيننا قواسم مشتركة ، كما اسلفت، تعمل الجمعية على تقويتها .
 كما نلاحظ في الآونة الأخيرة ظاهرة زواج المختلط بين السودانيين والمغربيات، لذلك في الأجيال القادمة الذي تجمع روابط الدم المختلط، ستكون لها ما بعدها في تعميق العلاقات، خاصة في الروابط الثقافية بين البلدين.
ونعمل كمثقفين مغاربة او سودانيين على الاغتناء بالأوتار الحساسة للمحافظة على هذا الإرث الثقافي التي تجمعنا.