الجمعة , أبريل 19 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار عامة / كلمة وزير العدل بمناسبة المؤتمر الوطني الأول للموثقين بمراكش 18 مارس 2019⁩.

كلمة وزير العدل بمناسبة المؤتمر الوطني الأول للموثقين بمراكش 18 مارس 2019⁩.

كلمة السيد وزير العدل بمناسبة الدورة الأولى للمؤتمر الوطني للموثقين بالمغرب

مراكش 18 مارس 2019

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
السيد رئيس المجلس الوطني للموثقين المحترم ؛
السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المحترم ؛
السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة المحترم ؛
السادة رؤساء و ممثلو المجالس الوطنية للموثقين ، ضيوف المملكة المحترمون ؛
السيد المدير العام لصندوق الإيداع و التدبير المحترم ؛
السيد رئيس لجنة العدل و التشريع و حقوق الانسان بمجلس النواب المحترم؛
السيدات و السادة أعضاء المجلس الوطني للموثقين و رؤساء و أعضاء المجالس الجهوية المحترمون ؛
السيدات و السادة المسؤولون القضائيون المحترمون ؛
السادة ممثلو السلطات المحلية المحترمون ؛
السادة المنتخبون الوطنيون و المحليون المحترمون؛
السيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب المحترم ؛
السادة النقباء المحترمون ؛
السيدات و السادة الموثقون و المحامون المحترمون ؛
السادة رؤساء و ممثلو الهيئات و الجمعيات المهنية المحترمون ؛
السادة الخبراء و الأكاديميون و ضيوف المؤتمر ؛
السيدات و السادة رؤساء و ممثلو جمعيات المجتمع المدني و وسائل الإعلام ؛
أيها الحضور الكريم ؛

جرت العادة عندنا أن المتكلم لا يشرع في كلامه إلى الضيف ، إلا بعد أن يفي بواجب الترحاب به و التعبير له عن خالص متمنياته بطيب المقام. و لما كانت المملكة المغربية كما يتصورها المغاربة شجرة تَمُدُّ جذورها في إفريقيا ، و تلقي بظلالها على أوربا ، فنحن نعتبر أن كل ضيوفنا من إفريقيا و أوروبا هم في بلدهم الثاني ، و أن تنظيم هذا المؤتمر الهام على أرض المملكة، التي شكلت على الدوام جسرا للتواصل بين القارتين، و تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده ، يضفيان عليه نكهة خاصة، و يكسبانه زخما مضطردا و دلالات عميقة، من حيث تواصل الشمال بالجنوب، والوعي المشترك بأن النظرة التي تؤطر معالجة قضايا الأمن ، هي واحدة مهما تعددت زوايا الرؤية.
فالأمن القومي في بلداننا وعي مشترك، و الأمن الاجتماعي فيها وعي مشترك، و الامن القضائي فيها وعي مشترك ، و ها أنتم تقدمون اليوم دليلا ناصعا، من خلال مؤتمركم هذا، على أن الامن التوثيقي فيها وعي مشترك ومصير مشترك .
لذلك أعود لأفي بواجب الشكر للمجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب في شخص رئيسه الاستاذ عبد اللطيف يكو ، لسهره على تنظيم فعاليات هذا الملتقى بما يتيحه من فرص لتلاقح الافكار و تبادل الرؤى و تقاسم الخبرات ، والتداول في الهموم المشتركة التي يطرحها مجال التوثيق، وهي و إن كانت كثيرة بلا شك، فأنا متفائل أننا، بما أوتينا جميعا من عزم، سَنُطَوِّعُهَا و نجعل منها أساسا للإبداع و التغيير نحو الافضل و تحقيق مزيد من المكتسبات لهذه المهنة النبيلة التي تقدم للعدالة خدمات جليلة.
حضرات السيدات والسادة:
إن انتماء المملكة المغربية لافريقيا ليس مجرد انتماء جغرافي تحكمه معطيات خطوط الطول والعرض ، بل هو أولا وقبل كل شيء انتماء حضاري ووجداني و تاريخي و إنساني بل ووجودي.
وقد عبر صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده عن ذلك أبلغ تعبير، في خطابه التاريخي بأديس أبابا بمناسبة عودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي حيث قال جلالته : ” كم هو جميل هذا اليوم، الذي أحمل فيه قلبي ومشاعري إلى المكان الذي أحبه ! فإفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي” نهاية النطق الملكي.
إن مفهوم إفريقيا بيتنا يحتم علينا تجسيد هذا الانتماء من خلال دعم كل سبل التعاون واستثمار كل الفرص المتاحة من أجل البناء المشترك لافريقيا التي يحلم أبناؤها برؤيتها تتبوأ مكانتها بين القارات؛ و هي بتنوعها الجغرافي و تموقعها الاستراتيجي و خيراتها و ثرواتها الطبيعية و البشرية، مؤهلة لأن تلعب دورا محوريا في السياسة والاقتصاد العالميين.
هذا الوعي ألمسه اليوم من خلال الحضور الافريقي المتميز في هذا المؤتمر الذي يشكل لبنة في صرح التعاون البيني بين بلدان القارة الافريقية، و الذي تتسع مساحته بحضور موثقين من أوربا التي هي شريك استراتيجي و تجمعنا بدول الاتحاد فيها شراكة متقدمة ووضع مميز يترجم عمق العلاقات التي تجمعنا بالضفة الشمالية من البحر المتوسط و يؤكد مكانة بلدنا كجسر بين الضفتين، و صلة وصل بين القارتين.
و الحقيقة أن الفرصة لا تسمح في كل الاوقات بأن تجتمع مثل هذه الكفاءات الفكرية التي صقلتها التجربة و أنضجتها الممارسة، لتدارس شؤون مهنة التوثيق على امتداد قارتين بتوجهاتها المختلفة و مدارسها المتباينة ، و لست أشك لحظة، بأن هذا الاجتماع مصدر إلهام هام يسعفنا في استلهام الحلول المثلى لكل ما يعترض مهنة التوثيق من معيقات.
فأوروبا حاضرة بقوانينها وفكرها و ممارستها التي يطبعها التنسيق في الاداء وهي أمور لا شك أننا نحتاج إليها ، و إفريقيا حاضرة بعزمها و إرادتها و تجربتها التي تزداد اكتمالا يوما بعد يوم، و حاضرة بآمال أبنائها الذين يؤمنون بمستقبلها، ويتطلعون في إطار اتحادهم الافريقي إلى خلق إفريقيا القوية، و استعادة مكانتها كمهد لكل الحضارات.
و أنا كوزير للعدل أحلم باليوم الذي تتلاقح فيه الانساق القضائية في قارتنا، وتتقوى فيه عرى و روابط التعاون القضائي بما في ذلك المهن القضائية بين كل الدول الإفريقية ، و تثمر عن تنسيق تام و تفاعل دائم بين كل مكونات منظومة العدالة في افريقيا و ضمنها مجال التوثيق و لا يخفى عليكم ما للأمن التوثيقي من أهمية في تشجيع الاستثمار الذي تتطلع دول القارة إلى جلبه وتشجيعه.
أحلم حلما مشروعا، و أعتبره قريب المتناول، في أن نخلق لجنة إفريقية لفعالية العدالة، ندبر من خلالها الشأن الافريقي في مجال العدالة ونرسخ مكتسبات النجاعة و نمكن لفلسفة الحكامة على غرار اللجنة الاوربية لفعالية العدالة ( CPEJ ) التي تربطنا بها علاقات تعاون متينة.
وحينما أتحدث عن خلق لجنة من هذا الطراز، فأنا أستحضر الفائدة التي سنجنيها على المستوى الافريقي في تطوير نظمنا القضائية، في مختلف المجالات سواء الجنائية منها أو المدنية و التجارية، فما أحوجنا على سبيل المثال إلى قضاء تجاري إفريقي متطور يستجيب لرهانات التبادل التجاري بين دول القارة ويدعم الاستثمار البين-إفريقي عبر التقريب بين أنساقه و استجماع الممارسات الفضلى فيه.
وهذا الحلم لا يمكن أن يتحقق دون استحضار الدور الهام الذي تضطلع به المهن القضائية في دعم العدالة ومساعدتها وما يختص به التوثيق من أهمية قصوى في حفظ الحقوق التي هي أصل الدعاوى و سبب المنازعات.
ففعالية القضاء لا معنى لها بدون فعالية التوثيق و كتابة الضبط والمحاماة و الخبرة القضائية ، و إصلاح القضاء لا يتم دون إصلاح باقي المهن القضائية والقانونية.
لذلك أشكركم على عنايتكم في انتقاء محاور المداخلات التي سيزخر بها هذا المؤتمر والتي جعلتموها في شطر كبير منها تصب في ذات الاتجاه من خلال تساؤلكم عن كيفية تعزير الهوية التوثيقية، وتناولكم لتطوير أخلاقيات الرقمنة التوثيقية بالمغرب، و مقاربتكم لتصور قانون أعمال منسجم على مستوى القارة الافريقية، و بحثكم لحماية الاستثمار، واستشرافكم لمنطور جديد لمهنة الموثق ببلدنا.
حضرات السيدات والسادة:
إن استشراف منظور جديد لمهنة الموثق ببلدنا يحيلنا على الورش التشريعي الكبير الذي تشتغل عليه وزارة العدل بخصوص المهن القضائية.
فمما لا شك فيه أن مهنة التوثيق العصري باتت تحتل مكانة متميزة ضمن المهن القانونية بالمملكة ، بما لها من دور محوري في توفير الأمن التعاقدي للمواطنين وحماية مراكزهم القانونية واستقرار معاملاتهم وتحقيق السلم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.
و إذا كانت غاية الوزارة من إصدار القانون رقم 32.09 هي تنظيم مهنة التوثيق وتخليقها وتأهيلها وتحصينها لمواكبة الدينامية التي يعرفها المجتمع المغربي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية و تعزيز مكانتها و دورها في ضمان العدالة الوقائية و الامن التعاقدي للمغاربة ، فإنها بالمقابل ظلت حريصة على مواكبة حسن تطبيق مقتضيات هذا القانون ، و ذلك من خلال إصدار المراسيم التنظيمية المتعلقة به ، و التدخل لمعالجة كل الإشكاليات الناجمة عن تطبيقه ، وفق مقاربة تشاركية مع ممثلي المهنة في إطار الحوار الجاد والمسؤول.
و هكذا ، فبمجرد دخول القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق حيز التنفيذ، عمدت الوزارة إلى تفعيل مجموعة من المواد التي أحال بشأنها القانون على نصوص تنظيمية، انتهت بصدور مجموعة من المراسيم التطبيقية باستثناء مرسومين إثنين فقط هما المرسوم المتعلق بإحداث معهد التكوين المهني للتوثيق والمرسوم المتعلق بتحديد أتعاب الموثقين.
فبخصوص المرسوم الأول المتعلق بإحداث معهد للتكوين المهني للتوثيق ، فإنني أستغل تواجدي معكم لأؤكد أننا في وزارة العدل ، نشتغل في إطار رؤية متكاملة، على إحداث معهد خاص بتكوين المنتسبين للمهن القانونية و القضائية ، و منها بطبعة الحال مهنة التوثيق العصري ، سيما و أن الإمكانيات التي سيتيحها المعهد العالي للقضاء في حلته الجديدة بعد تدشينه خلال هذه السنة ، تشجعنا على المضي قدما في هذا التوجه الاستراتيجي ، الذي نعمل جاهدين على توفير كل متطلبات نجاحه ماديا و بشريا و لوجستيكيا .
و اعتبارا لما يلعبه التكوين و التكوين المستمر من دور أساسي و محوري في الإرتقاء بمستوى و كفاءة السادة الموثقين و تحسين مداركهم و مهاراتهم ، سيما مع المتغيرات السريعة و المتسارعة التي يعرفها المجالان الاقتصادي و التكنولوجي ، و الثورة التشريعية التي تعرفها المنظومة القانونية بالمملكة ، فإن الوزارة ما فتئت تولي هذا الجانب أهمية خاصة في مخططاتها الاستراتيجية، و في هذا السياق أود أن أؤكد أن الوزارة حريصة كل الحرص على مأسسة إلزامية التكوين المستمر بالنسبة لكل المهن القانونية والقضائية بما في ذلك مهنة التوثيق العصري و توفير كل الوسائل المادية و التقنية و البشرية و اللوجستيكية لإنجاح هذا الورش المهم ، و ضمان تأطير علمي عال للسادة الموثقين و جعلهم في مواكبة دائمة و مستمرة لكل المستجدات التي يعرفها المشهد القانوني و القضائي بالمملكة . و إذا كانت الوزارة و المعهد العالي للقضاء قد وقعا مع المجلس الوطني للموثقين اتفاقية في موضوع التكوين و التكوين المستمر بتاريخ 24 شتنبر 2016 ، فإننا نتطلع في المستقبل القريب إلى إعطاء دينامية جديدة و دفعة قوية لهذه الاتفاقية ، و ذلك من خلال تكثيف الدورات التكوينية لفائدة السادة الموثقين سواء مركزيا او جهويا ، و تنويعها لتشمل كل المجالات المرتبطة بالمهنة ، تشريعيا و تنظيميا و معلوماتيا
وفيما يتعلق بالمرسوم الثاني المتعلق بتحديد أتعاب الموثقين ، فغير خاف عنكم أنه بعد مشاورات عديدة و مكثفة ، قامت وزارة العدل بتنسيق مع المجلس الوطني للموثقين بإعداد مشروع هذا المرسوم ، و تم عرضه على أنظار مجلس المنافسة واللجنة المختلطة للأسعار لإبداء الرأي ، و أحيل بعد ذلك على أنظار المجلس الحكومي ، الذي تدارسه في اجتماعه المنعقد يوم 13 دجنبر 2018 ، و أستغل مناسبة مؤتمركم هذا معشر الموثقات و الموثقين لأبشركم أننا اليوم بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع هذا المرسوم الذي سيخرج إلى حيز الوجود في الأيام القليلة المقبلة إن شاء الله ، و سيكون إضافة نوعية لمهنة التوثيق بما يتضمنه من مقتضيات تضمن حقوق و مصالح السادة الموثقين ماديا و معنويا .
و في نفس السياق ، و سعيا لتجويد النصوص التنظيمية المنظمة لمهنة التوثيق ، فقد اقترحت اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثقين ونقلهم وإعفائهم وإعادة تعيينهم والبت في المتابعات التأديبية الجارية في حقهم و المنصوص عليها في المادة 11 من القانون رقم 32.09 ، تعديل معايير الانتقال المنصوص عليها في المادتين 38 و 39 من المرسوم التطبيقي الصادر بتاريخ 8 مارس 2013 ، و ذلك بهدف تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الموثقين الراغبين في الانتقال من مدينة إلى أخرى، وتجاوز الصعوبات التي تعترض عمل اللجنة عند نظرها في الطلبات المعروضة عليها ، حيث تم إعداد مشروع مرسوم في هذا الإطار وفق مقاربة تشاركية ، تمت إحالته على الأمانة العامة للحكومة قصد عرضه على مسطرة المصادقة.
و في إطار سعي الوزارة لتوفير و تقريب الخدمة التوثيقية من المواطنين ، فإنه لا بد من التذكير في هذا المقام بالمجهود الكبير الذي بذل خلال السنوات الاخيرة بتنسيق مع المجلس الوطني للموثقين للرفع من عدد الموثقين الممارسين، و ترسيم المتمرنين خصوصا اولئك الذين قضوا سنوات طويلة في التمرين ، حيث إنه تفعيلا لمقتضيات المادة 128 من القانون رقم 32.09 نظمت الوزارة ستة امتحانات لفائدة المتمرنين المنصوص عليهم في المادة المذكورة بمعدل امتحان واحد في كل سنة، و قد أسفرت هذه الإمتحانات عن إرتفاع عدد الموثقين من 935 موثقا سنة 2012 إلى 1855 موثقا مع نهاية 2018 ، أي بنسبة زيادة وصلت إلى 98،40% .
حضرات السيدات و السادة المحترمون ؛
إن إنشغالنا بالإرتقاء بمهنة التوثيق العصري و تحديثها و عصرنتها و تطوير آليات العمل فيها لا يقل أهمية بالنسبة إلينا عن ورش التخليق فيها ، بل لن أكون مبالغا إذا قلت أن تخليق هذه المهنة يشكل حجر الزاوية في كل المشاريع و المخططات المرتبطة بها و التي نعمل على تنزيلها ، سواء على المستوى التشريعي أو التنظيمي ، و لا غرابة في ذلك ، فالموثق كما يستشف من تسميته هو مصدر ثقة و اطمئنان لدى الدولة و المواطن ، و عمله مرتكز على الثقة التي يضعها فيه الأطراف ، سواء في الإشهاد على تعاقداتهم أو حماية ودائعهم أو تلقي تصريحاتهم ، و كل إخلال بهذه الثقة المفترضة في الموثق هو مساس بالمهنة و بمصداقيتها و مكانتها ، و مساس بالأمن التعاقدي للمواطنين ، لذلك فإنني أستغل تواجدي بينكم اليوم لأعبر من جهة أولى عن اعتزازي بنزاهة موثقينا و إخلاصهم للقسم الذي أدوه قبل الشروع في أداء مهامهم ، و لأؤكد من جهة ثانية أن مسؤولية تخليق المهنة ، و إن كانت مسؤوليتنا جميعا ، فإنكم انتم معشر الموثقات و الموثقين تتحملون القسط الاوفر فيها ، و ذلك من خلال إشاعة مبادئ الشفافية و الحكامة و النزاهة و الاستقامة و الكرامة و الأمانة، و ذلك في إطار مدونة للسلوك الأخلاقي يشرف على إعدادها مجلسكم الوطني ، و أنه مهما اجتهدنا في إعداد و صياغة القوانين الزجرية ، و تشددنا في تسطير المتابعات التأديبية و إصدار العقوبات ، فإننا لن نصل إلى مبتغانا في غياب الضمير المسؤول للمهنيين و عدم تقديرهم لجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، و الثقة الموضوعة فيهم سواء من طرف الدولة أو المواطنين .
حضرات السيدات والسادة:
لقد رفعنا في وزارة العدل تحديا كبيرا يتمثل في تحديث الإدارة القضائية و رقمنة الخدمات المقدمة للمتقاضين و المرتفقين ، و ذلك في أفق تنزيل المحكمة الرقمية سنة 2021 ، و إذا كنا قد وفرنا كل السبل و الوسائل المادية و التقنية و اللوجستيكية لإنجاح هذا المشروع المهيكل ، فإن طموحنا اليوم هو انخراط كل مكونات منظومة العدالة في هذا الورش الكبير و لاسيما مساعدو القضاء من محامين و مفوضين قضائيين و موثقين و عدول و خبراء ، و أغتنم هذه المناسبة لأشيد و أنوه بحرارة بالتفاعل الإيجابي و التلقائي للمجلس الوطني للموثقين مع استراتيجية الوزارة في مجال التحديث و الرقمنة ، و ذلك من خلال الإنخراط في عدد من المبادرات التي تصب في هذا الإطار ، من قبيل إحداث مركز وطني للأرشفة الإلكترونية لكل الوثائق و العقود المنجزة من طرف السادة الموثقين بالمملكة ، و توقيع اتفاقية مع صندوق الإيداع و التدبير تهم إدراج الوسائل الإلكترونية الحديثة في تسيير حسابات الموثقين والتبادل الرقمي للمعلومات معهم بتاريخ 05 دجنبر 2017 ، و إذ اعبر لكم السيد الرئيس المحترم السيدات و السادة أعضاء المجلس الوطني المحترمون عن تقديري للمجهود الذي تبذلونه في مجال التحديث و الرقمنة ، فإنني أجدد إلتزام وزارة العدل للعمل معكم و تقديم كل أشكال الدعم الممكنة لكم لإنجاح هذا المشروع الطموح ، الذي سيساهم بدون شك في ترسيخ قيم الشفافية و التخليق في المهنة ، و ستكون فائدته كبيرة سواء عليكم كمهنيين أو على المواطنين على حد سواء ، و أود في هذا المقام ان أبلغكم اننا قطعنا أشواطا مهمة لتنزيل مشروع يمكن السادة الموثقين من الربط المباشر مع منصة السجل التجاري الإلكتروني المثبتة بمختلف محاكم المملكة ، حيث سيكون بإمكان السادة الموثقين طلب شواهد السجل التجاري و القيام بإجراءات إنشاء المقاولات بسرعة أكبر و بشكل أكثر يسر و سهولة.
معشر الموثقات و الموثقين الافاضل :
لقد سبق لي أن أعلنت غير ما مرة ، وفي أكثر من مناسبة أن سنة 2019 هي سنة لمراجعة قوانين المهن القضائية و منها القانون المنظم لمهنة التوثيق الذي نوليه عناية خاصة ونحرص على إخراجه في أقرب وقت وبالحلة اللائقة والإخراج المناسب الذي تتطلعون إليه بتشاور وشراكة معكم و مع مجلسكم الوطني ، وإن إرادتنا قوية وعزمنا أكيد نحو إعداد مشروع قانون حديث يستجيب للمتغيرات التي طرأت على الساحتين الوطنية والدولية، و يضمن لمهنة التوثيق مقومات الإرتقاء و التحديث و لعب دور مهم في التنمية الشاملة التي تعرفها المملكة .
وإني إذ أؤكد لكم إلتزام الوزارة بإخراج هذا القانون بتشاور و تنسيق معكم، فإني أعتبر أن جمعكم هذا سيشكل محطة بالغة الأهمية في مساركم المهني ومناسبة متميزة للتداول والتشاور والبحث عن أنجع السبل لتطوير آليات العمل في مجال التوثيق، وتبادل الرؤى في كل ما له علاقة بشؤون هذه المهنة ، كما أني أتطلع بكثير من الإهتمام إلى ما ستتمخض عنه أشغال مؤتمركم هذا من توصيات و مخرجات ، أؤكد لكم استعدادنا التام للتفاعل الإيجابي معها ، لتطوير المهنة والدفع بها إلى الأمام .
أتمنى لكم طيب المقام بالمدينة الحمراء، و لأشغال مؤتمركم كل موجبات النجاح و أبارك لكم حلول الربيع الذي زارنا بقدومكم قبل حلول موعده المعتاد. شكرا لكم حضرات السيدات والسادة المحترمون ، و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .

عن afriquemondearab

شاهد أيضاً

كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض؛ رئيس النيابة العامة. في الملتقى الإقليمي حول موضوع دور المؤسسات الأمنية في الوقاية من التعذيب

المملكة المغربية رئاسة النيابة العامة ⵜⴰⴳⵍⴷⵉⵜ ⵏ ⵍⵎⵖⵔⵉⴱ ⵜⴰⵏⵙⵙⵉⵅⴼⵜ ⵏ ⵜⵎⵓⵔⴰⵢⵜ ⵜⴰⵎⴰⵜⵢⵜ كلمة السيد الوكيل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *