الأحد , مارس 24 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / لماذا أضحت الانتخابات في المغرب وسيلة للاثراء الغير مشروع على حساب الناخبين ؟ وما دور ” ابطال الفساد الانتخابي ” فيها ؟

لماذا أضحت الانتخابات في المغرب وسيلة للاثراء الغير مشروع على حساب الناخبين ؟ وما دور ” ابطال الفساد الانتخابي ” فيها ؟

 بقلم: عبد النبي التليدي
“الإنتخابات هي وسيلة لممارسة السيادة التي تعود للأمة…” الفصل 2 من الدستور.
بدا اخيرا يكثر الحديث عن الإنتخابات في بعض  الأوساط السياسية والاجتماعية المهتمة، وفي المنابر الإعلامية الورقية والالكترونية، وكأنها حدث لم يسبق أن كان أو أنها نهاية المطاف.
في حين أن المغرب عرف انتخابات عديدة ومختلفة منذ وضع أول دستور لهذه الدولة.
فلماذا هذا الاهتمام بكل الأشكال والوسائل  بالإنتخابات المقرر إجراؤها صيف هذه السنة بالنظر إلى التنافس القائم بين البعض وبالأخص ببن أصحاب ” الشكارة الحرام ”  على أحداث مكاتب وفروع  حزبية جديدة في بعض القرى والجماعات  والحالة هذه أنها كانت نسية منسية ، وعلى تقديم الوعود هنا وهناك بواسطة تسخير السماسرة والانتهازيين رغم أن جلها كاذب وأصحابها كذابون إلى حد النصب والاحتيال بحكم التجارب المتراكمة عبر السنوات الانتخابية  تشهد عليها وعليهم الأوضاع المزرية للمواطنين والجماعات ..  وعلى العمل على قدم وساق لاستقطاب الجماهير ومنهم  الشباب وهي في الغالب مغلوب على أمرها لأسباب مختلفة جراء البطالة المتفشية في اوساطها والفقر المدقع الذي ينهش نسيجها وضعف في الوعي السياسي لها وبسبب الامية والجهل المتصفة بهما ؟
إن الأقلية فقط من المواطنين  مهتمة بالإنتخابات من مجموع المغاربة كنتيجة حتمية لفساد الانتخابات ولأن ما بني على وسائل فاسدة أعطى نتائج فاسدة ، ومنها أولائك المنتخبون حاليا في مختلف المجالس الذين يرغب بعضهم  بل ويعمل جلهم من أصحاب الضمائر الميتة واللااخلاق  بكل ما أوتوا من وسائل التلبيس والتدليس  لأجل البقاء ثم الفوز بالمكاتب في الجماعات والجهات  وبالعضوية في الغرف و البرلمان لأسباب يعرفونها جيدا بعدما ألفوها وصار صعبا عليهم فطامها ! .
وأولائك الذين يطمحون إلى أن يدلوا بدلوهم في هذه البئر التي لا ينضب معينها ويرون في الانتخابات بقرة مدرة لحليب لا ينقطع أو كدجاجة تلد ذهبا !
وآخرون ممن يعتقدون في الانتخابات أنها وسيلة فضلى لإجراء التغيير في البلاد وإصلاح أحوال العباد دافعهم تحقيق الصالح العام لأنهم يرون في أنفسهم البديل المنقد والأصدق، إنهم الحالمون بالمستقبل الموعود لهذا الوطن الذين يظنون كما ظن آخرون ممن سبقوهم أنه بإمكانهم تحقيق المنشود والأمل المفقود الذي فشل هؤلاء قي تحقيقه !
لكن أكثر الناس لا اهتمام لهم بالإنتخابات أصلا بل يتمنون لو لم تحدث لأنهم يرون فيها نوعا من “الضحك على الذقون” بالنظر إلى ما صار عليه الواقع بعد كل انتخابات التي لم تكن لا حرة ولا نزيهة بالمفهوم الحقيقي للدستور،وبالنظر إلى ما تمخضت عنه من أزمات اقتصادية ومشاكل اجتماعية وبؤس سياسي ، هم ألاكثر وعيا أو تأثرا بالأوضاع الكارثية للجماعات في مختلف مناحي الحياة والخدمات ، وبالواقع السياسي العنيد الذي يأبى التغيير أو التخلي  حتى عن بعض الصلاحيات من أجل بعض الديمقراطية الحقة، وبالنظر أيضا إلى التفاوت الحاد بين الناس الناتج عن سوء التوزيع والغير العادل للثروة، خاصة بعدما أصبحت الإنتخابات وسيلة للإثراء الغير مشروع على حساب أغلب المواطنين الناخبين منهم والغير الناخبين الذين صاروا دون حول ولا قوة لهم، ولما توفره من ريع واسع لكثير من المنتخبين المرتزقة ناهيك عما تكلفه من مصاريف ورواتب تثقل كاهل الميزانية العامة على حساب المصاريف الضرورية للتسيير والاستثمار.
وحيث أن الإنتخابات هي وسيلة لممارسة السيادة التي تعود للأمة، وتمارسها مباشرة بالإستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها في المؤسسات بالإقتراع الحر والنزيه والمنتظم (الفصل 2 من الدستور)، وليست غاية في ذاتها لأن الغاية هي ما قد يتحقق على إثرها من ديموقراطية في الحكم وحكامة جيدة في الإدارة وشفافية في صرف المال العام وفي موضوع وكيفية صرفه مع ما يستتبع ذلك من ربط المسؤولية بالمحاسبة تحت مراقبة قضاء عادل ومستقل، وما ينتج عن كل ذلك من أمن عام وخاص وتنمية اقتصادية ورفاهية اجتماعية وثقة في النظام السياسي للدولة الخ…
 وبما أن الإنتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي بعد الحياد التام للسلطات العمومية إزاء المرشحين وبعدم التمييز بينهم (الفصل 11 من الدستور)، هذا التمثيل الذي أوكله الفصل السابع للأحزاب السياسية التي عليها أن تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات، على أساس أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية.
مع العلم أن الأحزاب السياسية باعتبارها المؤطر الأساسي للمواطنين قد تلاشت أو كادت بفعل تطاحنها العقيم والبعيد عن العمل السياسي الجاد والهادئ بسبب خطابها الرذيئ وانتهازية بعض  المنتسبين إليها الذين أصبحوا تجار انتخابات ” ابطال الفساد الانتخابي ” وطالبي مقاعد وراغبي مصالح وانتفام شخصي وسياسي ومريدي المال والمناصب، بعد ما تخلوا عن البرامج وعن القيم والمبادئ الأصل والحق.. 
وبقي المواطن الذي يزايد عليه الجميع ويراهن عليه الكل لكن لا أمل اصبح له في أحد من هؤلاء لأنه يئس منهم فانشغل بهمومه التي تنوعت من أمن وصحة وتعليم إلى ضرورة العمل توفير لقمة العيش له ولأبنائه بعدما  أصبحت صعبة الحصول ومرة المذاق.
كما أن المجتمع المدني تفرقت به السبل والغايات بعيدا عن صالح الجماعة وقريبا من المصالح الخاصة والشخصية يسعى الكثير من المنتسبين إلى كثير من “جمعيات الماء و الهواء  والتنمية وو في القرى والدواوير ”  الى المال الذي اضحى ربهم الأوحد والى الاثراء الحرام  على حساب الفقراء الذي صار هدفهم الأسمى . 
لهذا ولكل ذلك  فإن الإنتخابات العامة لكي تكون ذات جدوى وتحقق الغايات المرجوة منها يجب أن تتوافر لها كل شروط النجاح والضمانات اللازمة ومنها شرط وجوب حذر الأحزاب السياسية  من “أبطال الفساد الانتخابي  ” حسب وصف حماة المال العام لهم  الذين يراهنون  من الآن على  شراء الأصوات، وتحويل  مرحلة ما قبل الانتخابات إلى أسواق تباع فيها القيم و المبادئ، من أجل الوصول إلى كرسي المسؤولية بحثا عن حصانة قصد الاستمرار في الفساد ونهب المال العام وحماية المصالح الخاصة وتراكم  ثروات غير مشروعة” حسب تعبير إحدى الجمعيات .
 لان “الفساد الانتخابي حسبها ايضا يمس بمصداقية الدولة ومؤسساتها، ويجعل من المؤسسات المنتخبة مجالا للاغتناء غير المشروع، ويعرقل كل جهود التنمية، والإصلاح ويصيب المجتمع المغربي باليأس والإحباط وما يترتب عن ذلك من مخاطر اقتصادية واجتماعية وسياسية.
 لهذا طالب “حماة المال العام ” السلطات بإجراءات  قوية لمنع أي استعمال للمال خلال الانتخابات المقبلة، سواء المهنية منها  أو البرلمانية أو الجهوية  أو الجماعية أو انتخابات الغرفة الثانية ،  وتقديم المتورطين في الفساد الانتخابي  إلى القضاء  حماية لكرامة المواطنين والمواطنات، ووضع  حد  للممارسات  التي تتعارض والأخلاق السياسية ومع  مصلحة البلاد. 
وعليه فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم حسبما أقر سبحانه ، وان التغيير حسب الكاتب والفيلسوف الهندي جدو كريشتامورتي ”  في المجتمع هو ذو أهمية ثانوية، إذ أنه سيأتي بشكل طبيعي، وحتمي، عندما تقيم أنت كإنسان بإحداث التغير في داخلك”.

عن afriquemondearab

شاهد أيضاً

عاصفة غزة وجبر الكسور!

مقال الأهرام / عدد اليوم الأثنين 6 نوفمبر  __ عاصفة غزة وجبر الكسور! _____ عزالدين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *